تتواصل محاولات السلطة وأذرعها للتضييق على حرية الصحافة بشكلٍ خاص وحريّة التعبير بشكلٍ عام، لاجئةً لأساليب ترهيبية قمعيّة عبر عدّة طرق. فبالتزامن مع استدعاء الزميلة لارا بيطار من “مصدر عام”، واستدعاء الزميل جان قصير من “ميغافون” والانتصار الذي حققه الصحافيون/ات والناشطون/ات المتضامنون بإبطال التحقيقات الأمنية بحق الصحافيين، ورفع الصوت ضدّ الأساليب الميليشوية المستخدمة لترهيب زملائنا، تتعرّض مؤسستا “درج” و”المفكرة القانونية” لضغوطات وحملات بات واضحاً أنّها ضمن سياقٍ واحد من محاولة إسكات الصحافة الجديدة والبديلة، المتجرّئة على رفع الصوت والوقوف مع الناس.
إذ تلقّت الصحافية الاستقصائية في موقع “درج”، هلا ناصرالدين “إنذاراً أخيراً” من المصرفي مروان خير الدين، بسبب تحقيقٍ صحافي عملت عليه في الموقع، كشف عن شركات الأوف شور المتورّط فيها خيرالدين ضمن وثائق “باندورا” التي عمل عليها “درج” ضمن مجموعة كبيرة من المؤسسات الإعلامية حول العالم. خير الدين الملاحق في قضايا عدّة أصلاً، والذي كانت التحقيقات الصحافية عاموداً أساسياً كشف ممارساته، كان قد اعتدى عبر مجموعة مأجورين على الصحافي محمد زبيب عام 2020. في الوقت نفسه، تتعرض المؤسسة المشاركة في “درج” الزميلة ديانا مقلّد لحملات إلكترونية جديدة تستهدفها وتحاول تشويه صورتها. تكشف محاولات التخويف الساقطة هذه عن أهمية دور الصحافة في الكشف عن قضايا الفساد وملاحقة الفاسدين، وعن التأثير السلبي الفاقع لسياسة الإفلات من العقاب الممنهجة في لبنان.
وفي سياق متّصل، يتعرّض المدير التنفيذي لـ”المفكرة القانونية”، المحامي نزار صاغية، لحملة تشويه ومحاولة ضرب صورة عبر نشر شائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، تزامنت مع محاولات منعه من قبل نقيب المحامين من إجراء مقابلة صحافية عبر إذاعة “صوت الشعب” (الأمر الذي رفضت الإذاعة للخنوع له، في موقفٍ ريادي دفاعاً عن حرية الصحافة). يشي ذلك بمحاولات لإسكات صاغية ومن خلفه “المفكرة القانونية” والمحامين الذين كانوا مصدراً أولاً لفهم وتحليل المعلومات القانونيّة والحقوقيّة، كما سنداً في الدفاع عن القضايا العامة.
يرى “تجمع نقابة الصحافة البديلة” أنّ هذه الممارسات بحق “درج” و”المفكرة القانونية” و”مصدر عام” و”ميغافون” هي محاولات لضرب كلّ الصحافة المستقلة والبديلة، ومن خلفها كل الصحافيين/ات والناشطين وأصحاب الرأي. ويعتبر أنّها جزءٌ من ممارسات نظامٍ قمعيّ يستشرس في وجه الصحافيين ووسائل الإعلام المستقلة لتيقّنه من دورها الهام في نشر المعلومة وإتاحة الوصول لها، في مقاومةٍ لمحاولات السلطة المستمرّة لإغراقنا في التجهيل ومنعنا من كشف الفساد، لا بل ملاحقتنا بدلأ من ملاحقة المرتكبين.
وإذ يؤكد التجمع أنّ محاولات الترهيب هذه لن تخيفنا أو تسكتنا، فهو يدعو جميع الزميلات والزملاء إلى الوقوف صفاً واحداً دفاعاً عن حريتنا في أداء مهنتنا، ولعدم الخضوع لأي ضغوطات وعدم المثول في التحقيقات الأمنية؛ ويؤكد أنه سيقف إلى جانبهم ويقدم لهم كلّ إمكانياته للدفاع عنهم.
مع الصحافة المستقلة، ضدّ الترهيب.