تجمع نقابة الصحافة البديلة يُطلق دراستين ومبادرة لحماية الحريات الإعلامية

في اليوم العالمي لحرية الصحافة، أطلق تجمع نقابة الصحافة البديلة دراستين تتمحوران حول الحريات الإعلامية في لبنان وأوضاع العاملين والعاملات في القطاع الإعلامي، معلناً في الوقت نفسه عن إطلاق “مبادرة لحماية الحريات الإعلامية”، خلال مؤتمر عقده اليوم الأربعاء، في قاعة كولبنكيان في حرم العلوم الاجتماعية في جامعة القديس يوسف في بيروت. وذلك بالتعاون مع تحالف الحريات في لبنان، ومعهد العلوم السياسية والماجستير العربي في الديمقراطية وحقوق الإنسان في جامعة القديس يوسف؛ وبدعم من مؤسسة فريدريش إيبرت.

استهلت الصحافية إليسار قبيسي المؤتمر بكلمة ترحيبية باسم التجمع بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.
وفي كلمته الافتتاحية، قال مدير معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، الدكتور سامي نادر، “إننا نرحب بكم ويسعدنا أن نستضيف هذا المؤتمر مع اقتراب مناسبة لنا وهي احتفالنا بالعيد ١٥٠ عاما للجامعة. وهذه مناسبة للاحتفال بالمبادئ المؤسسة لجامعتنا ومنها حرية الفرد وحرية التعبير. من هنا تحية لوسائل الإعلام الحديثة والقديمة المتمسكة بهذه الرسالة الاولى كمسبب لوجود لبنان وساهمت بنشر دوره الثقافي؛ وبالدرجة الأولى الإعلاميين وغيرهم ممن سقطوا من أجل الحرية وبينهم الصحافي سمير قصير الذي كان استاذاً في هذه الجامعة وله فيها قاعة باسمه”.
وأضاف نادر في كلمته خلال المؤتمر “نطلق أيضاً تحذيراً من الخطر الداهم أمام تأدية هذه الرسالة، حيث يحاول نظام المحاصصة قضم وتحاصص المساحة الإعلامية كما فعل بالمساحتين الاقتصادية والسياسية”.

طاولة نقاش حول الدراستين

تضمّن المؤتمر طاولة نقاش بإدارة الإعلامية والشريكة المؤسِّسة في موقع “درج”، ديانا مقلد، تمحورت حول الدراستين وظروف البحث والنتائج والخلاصات. وشاركت فيها، إلى جانب الباحثتين المعدّتين للدراستين، كل من المديرة التنفيذية لنواة للمبادرات القانونية المحامية ليال صقر ممثّلةً تحالف الحريات في لبنان، ومنسقة تجمع نقابة الصحافة البديلة الإعلامية إلسي مفرج.

خلال طاولة النقاش، تحدثت الصحافية والباحثة ناي الراعي، عن ظروف ومنهجية إعداد دراستها بعنوان “العاملون والعاملات في القطاع الإعلامي في لبنان: انعدام أمان ثلاثي الأبعاد (معيشي – جسدي – نفسي). وأكدت أن غالبية العاملين/ات في القطاع من المستطلعين/ات في العينة، لا يشعرون بأمان وظيفي وبطبيعة الحال يفقدون أي أمان معيشي بسبب انخفاض الأجور مما قبل عام 2019 ولكن الفجوة تعمقت مع الأزمة الاقتصادية الحادة في البلد. وشرحت أن الدراسة استنتجت أن: 72% من المستطلعين/ات لا يشعرون أن سلامتهم/ن الجسدية في أولوية مؤسساتهم/ن الإعلامية، كما أن معظمهم/ن لم يخضعوا لتدريبات حول السلامة الجسدية أو “البيئة العدائية” ويفتقرون المستلزمات الوقائية الخاصة كالخُوذ والسترات الواقية. في حين أن غالبيتهم/ن لم يتلقوا أي دعم نفسي في مؤسساتهم/ن (حتى إثر العنف في الشارع وانفجار 4 آب 2020)، إضافة إلى غياب التأمينات والتعويضات.
ولفتت الراعي إلى أن 20% من المستطلعين/ات في الدراسة سمعوا شهادات لزميلات تعرّضن لتحرّش أو ابتزاز جنسي في العمل، وأن 52% من الصحافيات تعرّضن للتحرش في مكان العمل، مشيرة إلى أن معظم الصحافيات يصنّفن المجال على أنه “مُقصٍ للنساء”.

كما شاركت في طاولة نقاش الصحافية دجى داود عن دراستها بعنوان “الحرّيات الإعلاميّة في لبنان: صراعٌ على الهامش”، مؤكدة أن الدراسة بيّنت مدى تأثير التمويل على حرية الصحافة، حيث يُصبح في كثير من الأحوال مقيّداً لوسائل الإعلام ويؤثّر في نوعية عمل الصحافيين/ات، كما بيّنت مدى تدخّل التمويل السياسي في فرض سياسات تحريريّة أو رقابة يوميّة على العمل الإعلامي. ولفتت إلى أن الدراسة تمكّنت من رسم خارطة للقمع الممارَس على الإعلام، حيث يتعرّض الصحافيون/ات لانتهاكات بسبب تأديتهم/ن لعملهم/ن، تبدأ بالقمع والمنع من التغطية أو الاعتداء الجسدي، وتمرّ بالترهيب والرقابة والابتزاز والقرصنة والتحريض الإلكتروني، وتصل إلى التهديد مشيرةً إلى أنه الانتهاك الأبرز وفق المستطلعين/ات. كذلك شدّدت على أن تحليل نتائج الدراسة أظهر أن التضييق والانتهاكات يؤديان إلى الاتجاه المتزايد نحو الرقابة الذاتية لدى الصحافيين/ات مما يشكّل خطراً على حريّتهم/ن وأساس علمهم/ن، في حين يُساهم غياب المحاسبة في تكريس الانتهاكات وتعزيز نتائجها.
وقالت داود إن الدراسة بيّنت أن 69% من المستطلعين/ات من الصحافيين/ات في العينة يعتقدون أن لا حريّات إعلاميّة في لبنان، في حين يرى 60% أن السطوة المالية على الإعلام تقمع حريّتهم دائماً. بينما تعرّض 75% منهم لأحد أنواع القمع، فإن 68% منهم تعرّضوا للرقابة. وربطت بين سطوة المال والسياسة على الإعلام وأشكال القمع والرقابة، حيث أن 33% من المستطلعين/ات من الصحافيين/ات في العينة – وهي النسبة الأكبر- اعتبرت أن إدارات المؤسسات الإعلاميّة هي أكبر ممارسي الرقابة. بينما استدعي 13% من المستطلعين/ات للتحقيق أمام أجهزة أمنية، و13% آخرون تم استدعاؤهم أمام جهات قضائية بسبب عملهم. ولفتت داود إلى أهمية العمل النقابي والتضامن في ما بين الصحافيين، حيث أن 97% من المستطليعن/ات اعتبروا أن النقابات لا تمثّلهم بل تمثّل السلطة، و55% منهم أكدوا أنه توجد أساليب لمقاومة التدهور في سقف الحريّات.

مبادرة لحماية الحريات الإعلامية

تطرقت المديرة التنفيذية لنواة للمبادرات القانونية، المحامية ليال صقر، ممثلةً تحالف الحريات في لبنان، إلى القيود الموجودة في القوانين اللبنانية والتي تحدّ من حرية التعبير وكيف أنها تتعارض مع الدستور اللبناني والمواثيق الدولية التي يلتزم بها لبنان. ولفتت في الوقت نفسه، إلى أنه وبالرغم من ذلك توجد أحكام رائدة لم تلتزم بكل هذه القيود في القوانين، بل احترمت حرية التعبير وقامت بحمايتها عبر تطبيق المواثيق الدولية. وشددت خلال طاولة النقاش، على أهمية استقلالية القضاء كمدخل لأي نظام ديمقراطي يكون فيه دور القضاة هو حماية الحريات العامة.
من جانبها، أكدت منسقة تجمع نقابة الصحافة البديلة الإعلامية إلسي مفرج، أن التجمع سيتصدى لأي محاولة لتمرير اقتراح قانون الإعلام بالنسخة المطروحة حالياً في البرلمان. ووصفت القانون بأنه أشبه بـ “مضبطة حريات” نظراً للقيود التي يفرضها على الحريات الإعلامية ومن بينها إضافة عقوبة الحبس للصحافيين/ات على أعمالهم. وقالت: “لن نرضى إلا بقانون يحمي الحريات الاعلامية ويحمي العاملين/ات في القطاع الإعلامي، ويؤمن حرية العمل النقابي، ويمنع احتكار القطاع الإعلامي من قبل رؤوس الأموال الكبرى التي تتقاطع مصالحها مع السلطة السياسية”.
وكشفت مفرج عن أن التجمع يعمل مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) من أجل توسيع دائرة النقاش حول اقتراح قانون الإعلام الموجود وإدخال تعديلات جذرية عليه، عبر توسيع مشاركة المجتمع المعني بالقانون في النقاشات البرلمانية حوله.


وفي الختام، أعلنت مفرج عن إطلاق مبادرة لحماية الحريات الإعلامية، عبر تأمين مساحات آمنة للصحافيين/ات في عملهم. وذلك عبر تقديم الاستشارات القانونية والحقوقية للزملاء والزميلات ليعرفوا حقوقهم وسبل حمايتها. كما لفتت إلى أنه سيتم تأمين الدعم القضائي والإعلامي، لكل عامل/ة في القطاع قد يتعرض لأي نوع من الاعتداءات والمضايقات في الميدان أو على وسائل التواصل الاجتماعي، أو في حال تعرّض للقمع من قبل الأجهزة الأمنية، أو للملاحقات من قبل السلطة وأحزابها. وأكدت أن الدعم سيكون بوجه المضايقات من قبل المؤسسات الإعلامية نفسها، بما تشمله من حرمان من الحقوق الوظيفية والضغوطات السياسية – التحريرية كما التحرش الجنسي واللفظي والتمييز على أساس الجنس والنوع.

للاطلاع على الدراستين (نسخة “بي دي أف”):

دراسة “العاملون والعاملات في الإعلام في لبنان: انعدام أمان ثلاثي الأبعاد”

الحرّيات الإعلاميّة في لبنان: صراعٌ على الهامش

لطلب نسخة (مايكروسوفت وورد) من الدراستين يُرجى التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني: info@nakababadila.com

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى