نحن صحافيون وصحافيات وعاملون وعاملات في مجال الإعلام ومؤسسات إعلامية،
وبعد الحملة الأخيرة المنظمة والممنهجة على الحريات العامة،
يهمّنا أن نشدّد على الآتي:
أولاً، أنّنا نرفض خطاب رهاب المثلية أو الهوموفوبيا وكلّ الخطابات التحريضية والتمييزية ضدّ الأقليات الجنسية، والتي تحاول فرضها مجموعات متطرّفة وبعض المسؤولين الطائفيين السياسيين والدينيين والأمنيين؛ ونعتبر أنّ هذا الخطاب التمييزي والترهيبي والتهجيري إنّما يمسّ بميثاق العيش المشترك طالما أنه يُهدّد أشخاصاً على أساس هويّاتهم الشخصية ويُجرّد تالياً أيّ سلطة تنخرط فيه من أيّ شرعية لها وذلك عملاً بالفقرة (ي) من مقدمة الدستور.
ثانياً، أنّنا نرى أنّ الحملة التحريضية تستهدف ليس فقط فئة من المجتمع بل تطاول مجتمعنا ككلّ والقيم الإنسانية والحقوقية التي قامت عليها فكرة لبنان، كملجأ للمضطهدين ومهد للحريات. وما يزيد مخاوفنا في هذا المجال، هو اقتران هذا الخطاب مع تهديد واضح لحرية المعتقد من خلال إخضاع الحريات الشخصية للمعتقدات الدينية. فضلاً عن اقترانه بتخوين وشيطنة كلّ من يُطالب باحترام حقوق المثليين أو بإسقاط التجريم عنهم، ممّا يُشكّل تقييداً مرفوضاً لحرية النقاش والتعبير في القضايا العامة. وليس أدلّ من ذلك من اقتراح القانون المقدّم من وزير الثقافة محمد المرتضى بمعاقبة الترويج الصريح كما الضمني للمثلية وإمكانية العبور الجنسي بعقوبة سجنية تصل إلى 3 سنوات، واعتباره أنّ مجرّد التعامل مع المثلية على أنّها أمر طبيعي هو ترويج لها. فكأنّما ثمّة من يعمد إلى شيطنة الحريات على اختلافها والحركة الحقوقية برمّتها تحت غطاء مكافحة المثلية، وهو أمر سينعكس عاجلاً أم آجلاً على مستوى الحريات العامة كافة.
ثالثاً، أنّنا نحثّ زملاءنا في المؤسسات الإعلامية كافة على رفض التماهي مع هذا الخطاب، فضلاً عن الالتزام الأدبي بالامتناع عن استخدام أي عبارة مهينة أو مخلّة بالكرامة الإنسانية أو مفعمة بالأحكام القيمية وبشكل خاص عبارة “الشذوذ الجنسي”، لا سيّما أنّ منظمة الصحة العالمية قد شطبت المثلية من قائمة الأمراض النفسية عام 1990. كما نحثّهم على تحمّل المسؤولية كاملة في مواجهة هذا الخطاب الاستقوائي السلطوي المبني على الكراهية واللاتسامح، بخطاب يُعيد الاعتبار لقيم التسامح والاحترام المتبادل وقيم حقوق الإنسان.
رابعاً، أنّنا على يقين بأنّ هذه الحملات لن تحرف أنظارنا عن معركة كشف فساد هذه السلطة الحاكمة ولا عن ملاحقة القائمين على نظام الإفلات من العقاب، سواء في الجرائم المالية أو جريمة 4 آب وما بعدها من جرائم تُرتكب كلّ يوم بحق الشعب اللبناني وسكان هذا البلد. ونؤكّد أنّ الحملات التحريضية التي تستهدفنا كإعلاميين وإعلاميات مناصرين للقضايا الحقوقية لن تُخيفنا ولن تُثنينا عن التشبّث بمواقفنا. فقد سقط زمن التابوهات ومعه زمن الاستقواء والترهيب.
أخيراً، لن نقف على الحياد في معركة الحريات.