في اول اجراء لها بعد عملية انتخابية مطعون باحترامها لابسط قواعد العمل الديمقراطي، طالعتنا “نقابة كم الافواه” المسماة زورا “بنقابة محرري الصحافة اللبنانية”، بإجراء لا يمت بأي صلة لفحوى العمل النقابي ولا لرسالة الصحافة ولا لقدسية الحرية في لبنان.
فالنقابة التي من المفترض أن تكون عنواناً للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة، تقدّمت أمام قاضي الأمور المستعجلة بطلب إعطاء القرار بأمر على عريضة بمنع “تجمع نقابة الصحافة البديلة” من “ممارسة أي نشاط عبر وسائل الاعلام كافة، المرئية والمسموعة والالكترونية، ومنعه خصوصاً من نشر أي أخبار أم بيانات أم مقالات من أي نوع”؛ ضاربة عرض الحائط الحقوق التي تكفلها الاتفاقيات الدولية المكرسة في الدستور اللبناني وبشكل خاص المادة 13 منه التي تكفل “حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات”.
والنقابة التي من واجبها حماية الصحافيين، عزت هذا الاجراء إلى “الحفاظ على حقوقها” ولمنع ما وصفته “بالضرر الداهم الذي يهدد أعمالها”، وهي نفسها لم نجدها يوماً الى جنب الصحافيين لا للحفاظ على حقوقهم ولا لمنع الضرر عنهم، مصرة اليوم على تقديم نموذج قمعي للحريات، إذ يهولها الصوت والكلمة. كيف لا، وهي نقابة فاقدة للشرعية التمثيلية بفعل وجود معظم الصحافيين خارجها، فيما جدولها مفتوح لتنسيب أصوات لا صلة لها بالمهنة من أجل تأمين استمرار هيمنة نهج السلطة عليها.
وهذه النقابة التي من مسؤوليتها الوقوف الى جانب الصحافيين في ظل الانهيار الحاصل، تُطالبنا اليوم بغرامة إكراهية قدرها مئة مليون ليرة لبنانية عن كل مخالفة للقرار الذي تطلب من القضاء إصداره، هي نفسها تُطرح شكوك كبيرة على ادارتها للشؤون المالية، مما يؤكد خيارنا وصوابية معركتنا مع هذه النقابة، التي حبذا لو تضطلع بدورها الحقيقي بدل زياراتها المكوكية الى رموز السلطة، وبدل ملاحقة الصحافيين المستقلين بالتهديد المعنوي واللفظي، وحبذا لو أنها تصحح الاضرار الناتجة عن استمرار نهجها التدميري للصحافة ولرسالة الصحافة في بلد قائم على استرضاء المسؤولين وأركان الحكم.
نحن “تجمع نقابة الصحافة البديلة”، بعد تقدمنا بطعن بالانتخابات النقابية عبر زميلتنا اليسار قبيسي، انطلاقا من ثقتنا بضرورة تمسك القضاة باستقلالية السلطة القضائية، نؤكد اليوم أننا لن نتراجع عن معركتنا المفتوحة من أجل استقلالية السلطة الإعلامية من سطوة السلطة السياسية وأحزابها. ولـ “نقابة كم الافواه” نؤكد أن مواجهتكم ليست مع أعضاء لجنة تنسيق “تجمع نقابة الصحافة البديلة” وحدهم، الذين تهددونهم بالملاحقة القضائية وبدفع الغرامة الإكراهية، بل إن مواجهتكم ستكون مع مئات الصحافيات والصحافيين الأحرار المعترضين/ات على أدائكم وسياساتكم وأساليبكم التدميرية للصحافة ورسالتها وأهدافها.
نحن صحافيات وصحافيون، لا نقدّس إلا الحرية وحقنا بالتعبير والاعتراض، ولن ترهبنا إجراءاتكم ولن يوقفنا تهديدكم ولن يُسكتنا قمعكم، بل إننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسنتابع معركتنا بكل الوسائل القضائية والحقوقية والاعلامية التي بدأناها أصلاً، وما إجراؤكم الأخير إلا محاولة لفرملة هذه المعركة التي فرضناها نحن، حتى إسقاط نقابة القمع والسلطة وتكميم الأفواه.
#نقابة_كم_الأفواه