منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، والإعلام الغربي يتغاضى عن السياق التاريخي للأحداث التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلّة ويقدّم سردية أحادية منحازة تماماً للسردية الإسرائيلية ضارباً كل الأصول المهنية والمواثيق الإعلامية عرض الحائط. وينتهك معظم الإعلام الغربي عدداً من المعايير المهنية في تغطية العدوان على غزة بدءًا من مبدأ عدم الانحياز، وتوخّي الدقة والتوازن والتحقق قبل نشر المعلومات، وتقديم الحقائق المجرّدة.
وتساهم السردية الأحادية التي تحدد من يستحق لقب الضحية ومن لا يستحقها والتي تنزع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين بشكل يجعل قتلهم مباحًا والتي تبرّر العدوان الإسرائيلي بأنّه “دفاع عن النفس”، في شيطنة الفلسطينيين والتحريض عليهم، وبالتالي شيطنة كل من يدعمهم ويطالب بالعدالة لهم. فموجة الكراهية اليوم لا تطال فقط أهل غزة الذين يتعرّضون لحصار مميت لم نشهد مثيلاً له في العصر الحديث بل تطال أيضًا كلّ من يتجرّأ على قول الحقيقة ونشرها حول العالم. ويشهد العالم الافتراضي أعتى حملات القمع من حجب حسابات وإلغاء متابعين لمؤثرين ومستخدمين مؤيدين للقضية الفلسطينية، بشكل يعلّي السردية الإسرائيلية على حساب السردية الفلسطينية.
واستهدف العدوان على غزة الإعلام وعلى أهل الصحافة الذين يحاولون قدر المستطاع تغطية الأحداث والذين يفترض أنّهم محميّون بموجب المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأوّل لاتفاقيات جنيف التي تنصّ على أن يُعامل الصحافيون في مناطق الحرب كمدنيين وعلى وجوب حمايتهم. فكما قتلت إسرائيل المدنيين “الذين يُفترض بها حمايتهم”، قتلت من ضمنهم 16 صحافيًا في غزة وأصابت العشرات كما قتلت المصوّر الصحافي اللبناني عصام عبدالله في قصف على علما الشعب وجرحت 6 من زملائه. هذا عدا عن المضايقات التي يتعرّض لها مراسلون وفرق صحافية في الأراضي المحتلة على يد الجنود الإسرائيليين، والتحريض عليهم.
بناء على ما تقدّم، يدعو تجمّع نقابة الصحافة البديلة النقابات الإعلامية حول العالم، والمجموعات النسوية والسياسية والطلابية وجميع المنظمات والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، إلى كسر حاجز الصمت حول ما يجري في غزة من إبادة ممنهجة للسكان وإلى رفض الممارسات القمعية التي تتّبعها بعض المؤسّسات الإعلامية بحق الصحافيات\ين.
(الصورة الرئيسية من تصوير محمود عجور – Palestine Chronicle)