من جديد تسجل الحريات العامة وحرية التعبير انتصاراً في وجه ممارسات القمع الممنهجة من السلطة وأدواتها السياسية والأمنية والنقابية وهذا الإنتصار الذي سجله اليوم الصحفيون في لبنان ليس انتصاراً لتجمع نقابة الصحافة البديلة بقدر ما أنه انتصار للكلمة الحرة، كما أنه انتصار بالمعركة المفتوحة لتحرير التمثيل الاعلامي من سيطرة السلطة وانتصار القضاء للحق بحرية الرأي والتعبير فيما نقابة المحررين تناست دورها وسعت للاعتداء على الحق بحرية الرأي والتعبير.
فقد رد القاضي المنفرد المدني في بعبدا الناظر في قضايا الأمور المستعجلة الياس مخيبر طلب نقابة محرري الصحافة اللبنانية بمنع “تجمع نقابة الصحافي اللبنانية” من القيام بأية نشاط عبر كافة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والالكترونية على كافة الاراضي اللبنانية، ومنعها من نشر أية اخبار أو بيانات أو مقالات من أي نوع، تحت طائلة إلزام لجنة تنسيق التجمع بأعضائها الإثني عشر بدفع غرامة إكراهية قدرها مائة مليون ليرة لبنانية عن كل مخالفة للقرار.
وبنى القاضي مخيبر رده للطلب، لعدم استناده إلى اساس قانوني سليم. واستند في ذلك الى ان العهود والمواثيق الدولية لاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أولت أهمية كبرى لحق حرية الرأي والتعبير، وحرصت على تثبيت هذا الحق وإلزام الدول النصّ عليه في دساتيرها المحلية لما تشكله من ضمانة أساسية للأنظمة الديمقراطية.
كما ذكر بأن مقدمة الدستور اللبناني نصت على أنه عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الانسان، وبأن الدستور كرس في المادة 13 حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة. وشدد على أن الحق في حرية الرأي والتعبير تلعب دوراً مفصلياً في حماية حقوق المواطن وفي صيانة الديمقراطية وحكم القانون، وبأن هذا الحق مرتبط بشكل وثيق بحرية التجمع السلمي الذي هو من أبرز حقوق الانسان، وقد كرسه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واعلان الامم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الانسان والحريات الأساسية، فيما اعتبر الى ان “تجمع نقابة الصحافة البديلة” يندرج ضمن حرية الرأي والتعبير كما وحرية التجمع.
وذكر القاضي مخيبر في مطالعته كذلك بأن القضاء هو حامي الحريات ومنها حرية التعبير والحريات الفردية والشخصية، وأن قاضي الامور المستعجلة لا يتدخل في هذا الإطار إلا استثنائياً، وان طلب نقابة المحررين يهدف الى اتخاذ تدبير وقائي لرفع ضرر احتمالي في غياب ما يثبت أنه يتم التعرض لها بشكل مسيء، وإن اجابة الطلب من شأنه أن يؤدي إلى صدور قرار بشكل مطلق وبصيغة النظام ما يخالف المادة 3 من أصول المحاكمات المدنية.
لذا فإن تجمع نقابة الصحافة البديلة اذ يشكر للقضاء الذي ثبت دوره كحامي للحقوق والحريات، ويؤكد أن هذه هي السلطة القضائية التي نريد، كما نعمل كذلك من اجل سلطة اعلامية مستقلة، ومعركتنا مفتوحة مع نقابة المحررين التي لن ننسى اعتداءها على حرية الرأي والتعبير، وسنتعامل معها من الان وصاعدا على انها نقابة كم الافواه.