نموذج مذكّرة: عدم اختصاص النيابة العامة للتحقيق في جرائم المطبوعات

جانب النائب العام التمييزي

جانب المدعي العام/ المحامي العام

القاضي المحترم

مذكرة

_______________

ملاحظة: يمكن التقدم بهذه المذكرة إمام اي نيابة عامة تعتبر انها صاحبة الصلاحية في التحقيق في جرائم المطبوعات.

حيث ان القانون واضح إن الاختصاص هو لمحكمة المطبوعات او لقاضي التحقيق اذا استلزم الامر ولا يمكن التوقيف الاحتياطي وبالتالي فأي تحقيق تقوم به النيابات العامة في جرائم المطبوعات هو مخالف للقانون.

مقدمة من:

المستدعية:                                                          وكيلها المحامي

صورة الوكالة ربطاً مستند رقم_1_   

الموضوع: عدم إختصاص الضابطة العدلية بما فيها النيابات العامة في التحقيق في جرائم المطبوعات.

——————

في معنويات الطلب:

إن إستدعاء الصحافيين والصحافيات للمثول امام الضابطة العدلية بما فيها النيابات العامة للتحقيق هو مخالفة واضحة لقانون المطبوعات وللمواثيق الدولية لا سيما للاعلان العالمي لحقوق الانسان وللعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وللقرارات الصادرة عن الهيئة العامة للامم المتحدة وعن مجلس حقوق الانسان وعن منظمة الاونسكو وعن عدد من المقررين الخاصين المعنيين بالحريات العامة سيتم إستعراض هذه القرارات تباعاً في متن الطلب.

إن الاصرار على مثول الصحافيين والصحافيات امام الضابطة العدلية بما فيها النيابات العامة اصبح يشكل خطراً على حرية التعبير وعلى حق الصحافيين في ممارسة عملهم بحرية وعلى حق المواطنين بالحصول على المعلومات الصحيحة والموثوقة.

واصبح يُمّهد لقيام دولة بوليسية عبر كمّ الافواه وتهديد الصحافيين بالاستدعاءات المتكررة مما سيضرب صورة لبنان وسيؤثر عليه عالمياً حيث سيصبح من عداد الانظمة الشمولية والبوليسية، وسيؤثر على المساعدات والاستثمارات المستقبلية حيث ان تقييد حرية الصحافيين يعني تقييد عمل كاشفي الفساد في كل مجالاته المالية والسياسية وحتى الفنية.

فكان هذا الطلب امام حضرتكم للاضاءة على القضية بشكلٍ عام وعلى ملف المستدعية بشكلٍ خاص.

اولاً _ في الوقائع

شرح الوقائع وتبيان ان العمل هو عمل صحافي وان المدعى عليه هو صحافي/ية وذكر تاريخ التحقيق ومن الجهاز الذي قام بالاستدعاء.

في القانون:

1_في مخالفة قانون المطبوعات:

حيث ان المادة 47 القديمة من قانون اصول المحاكمات الجزائية الصادر بتاريخ 29 ايلول 1948 اولجت حق إجراء التحقيقات الاولية بالنيابات العامة حيث جاء في المادة 47 ما يلي:

“يمكن المدعي العام اثناء القيام بالوظيفة في الاحوال المبينة في المادتين 27 و41 ان يعهد الى احد رؤوساء مخافر الشرطة والدرك بقسم من الاعمال التي هي من صلاحياته اذا رأى ضرورة لذلك عدا استجواب المدعى عليه.”

اما المادة 44 من القانون القديم اعطت موظفي الضابطة العدلية في حالة الجرم المشهود حق الاستماع للشهود وتفتيش المنازل واجراء التحريات واجراء سائر المعاملات التي هي من صلاحية المدعي العام.

اما قانون المطبوعات فقد صدر بتاريخ 14 ايلول 1962 وتمّ تعديله بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 104/1977 حيث قد جاء في الفصل التاسع منه المتضمن اصول المحاكمات وتحديداً المادتين 28 و29 منه ما يلي:

“المادة 28:

تنظر محكمة الاستئناف بالدرجة الأولى في جميع القضايا المتعلقة بجرائم المطبوعات وتخضع أحكامها للمراجعة أمام محكمة التمييز بصفتها مرجعاً استئنافياً.

لا يجوز التوقيف الاحتياطي في جميع جرائم المطبوعات.

المادة 29:

إذا اقتضت الدعوى تحقيقاً قضائياً فعلى قاضي التحقيق أن يقوم به وأن يحيل القضية على المحكمة في مهلة لا تتجاوز خمسة أيام.”

نستنتج مما سبق وروده ان صلاحية التحقيق في الجرائم لطالما كانت من اختصاص النيابات العامة بموجب قانون اصول المحاكمات الجزائية حتى تعديله في العام 2001،

وان قانون المطبوعات قد تمّ إقراره بعد إقرار قانون اصول المحاكمات الجزائية،

وحيث ان قانون المطبوعات هو قانون خاص محدد لفئة معينة من الاشخاص هم الصحافيين وقد وضع اصول محاكمات خاصة بجرائم المطبوعات بموجب المرسوم الاشتراعي 104/1977 ، وبالتالي فيُبدى تطبيقه على القانون العام،

وحيث إن إعطاء الصلاحية لمحكمة المطبوعات او لقاضي التحقيق للتحقيق في جرائم المطبوعات مع منع التوقيف الاحتياطي كان مقصوداً وهو لمنع النيابات العامة التي كانت حينها هي المرجع الصالح بالتحقيق باجراء تحقيقات مع الصحافيين ولمنع اي توقيف احتياطي بحق الصحافيين،

في حال النشر تم على موقع الكتروني وليس في صحيفة مكتوبة نضيف الاجتهادات التالية:

حيث قد جاء في حكم محكمة التمييز رقم 33/2015 الصادر بتاريخ 19/5/2015 ما يلي:

ردت محكمة التمييز الجزائية الناظرة استئنافا في دعاوى المطبوعات، السبب الستئنافي الاول المبني على رد الدفع المتعلق بعدم الاختصاص النوعي لمحكمة المطبوعات، للنظر في جرائم النشر المرتكبة على المواقع الالكترونية، وفقا لاحكام المادة 28 من المرسوم الاشتراعي رقم 104/1977، معتبرة انه سندا للمادة 3 من قانون المطبوعات الصادر بتاريخ 14/9/196، فان التعريف العام الذي وضعته هذه المادة القانونية للمطبوعة الصحفية، من شأنه بيان ما اذا كان الموقع الالكتروني المعني تنطبق عليه صفة المطبوعة الصحفية، ولا سيما انه بتاريخ صدور القانون المشار اليه لم يكن هنالك ما يعرف بالنشر الالكتروني ولا بالمواقع الالكترونية، وانه ما دامت المجلة الالكترونية هي وسيلة للنشر مرتكزة على تدوين الكلمات والاشكال بالحروف والصور والرسوم، وهي تصدر بصورة مستمرة باسم معين وبشكل متتابع، وهي معدة للتوزيع على الجمهور وفقا لما هو مبين في موقعها المفتوح للكافة، فينطبق عليها التعريف القانوني للمطبوعات، وتكون محكمة المطبوعات مختصة نوعيا للنظر في الجرائم المرتكبة بواسطتها، بمعزل عن عدم التزامها القانون بتعيين مدير مسؤول لها. وصدقت المحكمة القرار المستأنف لهذه الجهة.

وجاء ايضاً في حكم محكمة المطبوعات، عماره ضد عليق والوكالة الوطنية للاعلام، تاريخ 9/9/2021 ما يلي:

وحيث ان محكمة المطبوعات هي محكمة ذات طابع استثنائي، اناط بها المشرع اللبناني امر النظر في جميع القضايا المتعلقة بالمطبوعات، وطبق بشأنها اصولاً خاصة نص عليها المرسوم الاشتراعي رقم 104/77، وهذه الاصول هي الطف بالنسبة للمدعى عليه، اذ لا يجوز التوقيف الاحتياطي في جرائم المطبوعات (بحسب المادة 28 من المرسوم المذكور).

وحيث ان مفهوم جميع القضايا المتعلقة بالمطبوعات قد طرح جدلاً فقهياً وقضائياً في ما يتعلق بالمواقع الالكترونية و”الفايسبوك” و”التويتر”، وما اذا كان ما ينشر على هذه المواقع يدخل في المفهوم القانوني لما يسمى “مطبوعة” يدخل امر النظر بقضاياها ضمن الاختصاص النوعي لمحكمة المطبوعات ام لا.

وحيث انه بتاريخ صدور القوانين المتعلقة بالمطبوعات، لم يكن يوجد ما يعرف بالنشر الالكتروني، ما يقتضي معه تفسير النصوص الوضعية وتكييفها مع الواقع المستجد والتطور الالكتروني الحاصل بسبب ثورة الانترنت.

وحيث انه من الملاحظ ان المشرع اللبناني اعتمد معياراً موضوعاً في ما خص اختصاص محكمة المطبوعات الذي شكل ضمانة للمطبوعة بحد ذاتها، وليس لشخص الصحافي كاتب المطبوعة.

وحيث ان المادة الثالثة من قانون المطبوعات الصادر بتاريخ 14/9/1962، عرفت المطبوعة بأنها وسيلة النشر المرتكزة على تدوين الكلمات والاشكال بالحروف والصور الرسوم.

وحيث انه، ولئن كان قانون جرائم المطبوعات يشكل تشريعاً جزائياً خاصاً واستثنائياً، الا ان التعريف امام الذي اطلقته المادة الثالثة الآنفة الذكر من شأنه ان يشكل معياراً ينطلق منه القاضي لتوصيف ما اذا كان الفعل المشكو منه قد تم من خلال مطبوعة ام لا.

ومن خلال المواد المذكورة اعلاه ومن خلال اجتهاد محكمة المطبوعات الذي يعتبر الموقع الالكتروني هو منصة إخبارية يخضع لقانون المطبوعات فإن الامر لا لبس فيه ان لا صلاحية لكل الضابطة العدلية وفقاً لما عرفتها المادة 38 أ.م.ج بما فيها النيابات العامة من التحقيق ويعود الاختصاص بالتحقيق في حال استلزم الامر الى قاضي تحقيق او انه يتم إحالة الشكوى الى محكمة المطبوعات في حال ارتأت النيابة العامة الادعاء ضد الصحافي.

2_ في مخالفة الاتفاقيات الدولية والمبادئ الدولية العامة لحرية التعبير:

حيث ان التضييق على حرية التعبير والاعلام وعلى الصحافيين فيه مخالفة للمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي انضم اليه لبنان بموجب القانون المنفذ بالمرسوم رقم /3855/ تاريخ 1/9/1972 وحيث قد جاء في التعليق رقم 34 تاريخ 29 تموز 2011 من قبل لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة في تفسيرها للمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ما يلي (بعض النقاط):

2-     حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد، وهما عنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع. ويشكلان حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية. وترتبط حرية الرأي ارتباطاً وثيقاً باعتبار أن حرية التعبير تتيح الأداة لتبادل الآراء وتطويرها.

3-     وحرية التعبير شرط ضروري لإرساء مبادئ الشفافية والمساءلة التي تمثل بدورها عاملاً أساسياً لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.

وجاء في تفسير حرية التعبير والإعلام في تفس التعليق ما يلي:

13-   لا غنى لأي مجتمع عن الصحافة أو غيرها من وسائط الإعلام التي تكون حرة وغير خاضعة للرقابة وتعمل بدون عراقيل وذلك لضمان حرية الرأي وحرية التعبير والتمتع بالحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد. وتشكل الصحافة أو وسائط الإعلام الأخرى حجر الزاوية لمجتمع تسوده الديمقراطية. وينص العهد على الحق الذي يجيز لوسائط الإعلام تلقي معلومات تستند إليها في أداء مهامها. ويعتبر تبادل المعلومات والآراء بحرية حول مسائل تتعلق بالشؤون العامة والشؤون السياسية بين المواطنين والمرشحين والممثلين المنتخبين أمراً أساسياً. وينطوي ذلك على وجود صحافة حرة ووسائط إعلام أخرى قادرة على التعليق على المسائل العامة بدون رقابة أو قيد وعلى إعلام الرأي العام. ويتمتع الجمهور أيضاً بحق مقابل في تلقي ما تنتجه وسائط الإعلام.[1]

وجاء ايضاً من قبل لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة بعد المناقشة الدورية لتقرير الدولة اللبنانية في ملاحظاتها الختامية بتاريخ 9/5/2018 بخصوص حرية التعبير ما يلي:

حرية التعبير

45-   تشعر اللجنة بالقلق إزاء ما يلي: (أ) تجريم التشهير والقذف والتجديف وانتقاد المسؤولين العموميين، وهي أمور يمكن أن يعاقب عليها بالسجن؛ (ب) الادعاء بأن تفسير مفهوم الجريمة السيبرانية تفسيراً واسعاً من قبل مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية التابع لقوى الأمن الداخلي يرمي إلى تقييد حرية التعبير؛ (ج) التقارير عن توقيف وملاحقة الأشخاص الذين يُدّعى أنهم ينتقدون السلطات الحكومية وشخصيات سياسية، بما في ذلك عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي؛ (د) السلطات الواسعة والتقديرية المخولة للمديرية العامة للأمن العاموحظر عدد من الأعمال الفنية، بما فيها أفلام. ويساور اللجنة القلق أيضاً لأن الدولة الطرف لم تنفذ توصياتها السابقة (انظر الوثيقة CCPR/C/79/Add.78، الفقرة 25) المتعلقة بمراجعة قانون البث التلفزيوني والإذاعي رقم 382 الصادر في عام 1994، والمرسوم رقم 7997 الصادر في عام 1996 وبإنشاء هيئة مستقلة لمنح تراخيص البث (المادتان 9، و19). [2]

هذه التوصية الصادرة للبنان بخصوص مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية اتت حينها في العام 2018 حيث ان عمل المكتب كان ناشطاً جداً ولكن هذا لا يعني انها لا تعني كل الضابطة العدلية بما فيها النيابات العامة وبقية الاجهزة الامنية، حيث ان التحقيقات التي كانت تحصل حينها لدى المكتب كانت تحصل باشراف من النيابات العامة وبعض الارتكابات بحق الصحافيين حصلت بموجب إشارات من النيابات العامة،

إن الحماية الوحيدة التي اعطاها قانون المطبوعات (على علاته) للصحافيين هو منع التوقيف الاحتياطي، فبمجرد ان تقوم النيابات العامة او الاجهزة الامنية بالتحقيق نكون قد خرقنا القانون وجميع المبادئ الدولية العامة بحماية الصحافيين.

وقد جاء في بيان مشترك ما بين الجمعية العامة للامم المتحدة ومنظمة اليونسكو ومجلس حقوق الانسان بمناسبة اليوم العالمي للصحافة استُخلص من عدة قرارات سابقة للامم المتحدة ما معناه:

“نشدد على اهمية عمل الصحافة واهمية حماية الصحافيين باستقلالية وامان وبدون اية عوائق او تهديات او اعمال انتقامية لما لاهمية العمل الصحافي بايصال المعلومات من دع للديمقراطية ولتعزيز حقوق الانسان ومحاربة الفساد والتنمية المستدامة وحفظ السلام العالمي.[3]

وقد جاء في كلمة القاها الامين العام للامم المتحدة في اليوم العالمي للصحافة هذا العام ما معناه:

“حرية الصحافة هي اساس الديمقراطية والعدالة.تعطي الجميع ما يريده لتكوين رأيه وتعطي الحقيقة القوة. فحرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الانسان.[4]

إن إستدعاء الصحافيين والصحافيات امام الضابطة العدلية بما فيها النيابات العامة، فيه مخالفة للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وللمبادئ العامة لحرية التعبير والاعلام التي نص عليها القانون الدولي لحقوق الانسان، لما تنطوي من ضغط معنوي وجسدي على الصحافي/ية عبر التهديد بتوقيفه و إلزامه بإزالة المحتوى تحت ضغط هذا التهديد، وهذا يؤثر على مهنة الصحافة بشكل كامل ويضرب حرية التعبير وحرية العمل الصحافي.

لكل ما ورد اعلاه،

 نطلب إما إحالة الملف امام قاضي التحقيق للتحقيق وإما الادعاء امام محكمة المطبوعات في حال رأيتم وجوب ذلك.


[1] CCPR/C/GC/34

[2] CCPR/C/LBN/CO/3

[3] https://www.ohchr.org/en/statements/2022/05/joint-statement-safety-journalists-occasion-world-press-freedom-day-2022

[4] https://press.un.org/en/2023/sgsm21780.doc.htm

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى