في 13 أكتوبر/تشرين الأوّل، خسرنا، في لبنان ووسطه الصحافي، وفي تجمّع نقابة الصحافة البديلة تحديدًا، صديقنا وزميلنا عصام عبدالله. كانت الدقائق والساعات والأيام التي تلت استهداف إسرائيل لعصام ورفاقه ثقيلة علينا، وما زالت. لكنّنا قرّرنا منذ اللحظة الأولى، أنّنا سنلاحق المجرم حتى المحاسبة.
خلال هذا العام، تواصلنا مع المنظمات الحقوقية والمؤسسات الإعلامية التي قرّرت التحقيق في القضية، وسهّلنا تواصلها مع الشهود ووصولها إلى الأدلة. فصدرت 5 تحقيقات صحافية وحقوقية بنتائج متطابقة: “إسرائيل قتلت عصام عبدالله”. وأجمعت كلّها على ضرورة إجراء تحقيق مستقلّ في اشتباه حصول جريمة حرب.
بلّغنا المقرّرين الخاصّين المعنيين في الأمم المتحدة، فراسلوا الحكومة الإسرائيلية مطالبين بتحقيق مستقلّ في الجريمة. وأعربوا عن قلقهم حيال استهداف الصحافيين كنتيجة مباشرة لعملهم، وبوضوحٍ جليّ.
راسلنا أيضًا قوات اليونيفيل، وطالبناها بتحقيق شفّاف، رافضين بيانها الأوّلي الغامض. واليوم، لا زلنا ننتظر أن تلبّي نداءنا الذي أطلقناه مع عدد من المنظمات لنشر تقريرها الذي سرّبته “رويترز” والذي يؤكّد أنّ إسرائيل استهدفت تجمّع الصحافيين وقتلت عصام في وقت لم يسجّل فيه وجود تبادل لإطلاق النار عبر الخط الأزرق. وقد وصفت اليونيفيل في تقريرها المسرّب ذلك بأنّه انتهاك للقرار 1701 وللقانون الدولي.
كما رفعنا مع أكثر من 120 منظمة حقوقية وإعلامية محلّية وعالمية، كتابين رسميين إلى كلّ من المفوّض السامي لحقوق الإنسان والمديرة العامة لليونسكو للمطالبة بتحقيق مستقلّ في الجريمة.
واليوم، ننتظر أن تلبّي لجنة التحقيق المستقلّة المعنيّة بالأراضي الفلسطينية طلبنا مع وكلاء عائلة عصام ومؤسّسات حقوقية، لإدراج الجريمة ضمن تحقيقاتها.
في المقابل، ومع الأسف، لم نلقَ من السلطات اللبنانية إلّا العرقلة، سواء من ناحية الوصول إلى تحقيقها في القضية، أو من ناحية تراجعها عن الاعتراف بصلاحية المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبت في لبنان منذ 7 أكتوبر 2023 حتى اليوم، ومن ضمنها استهداف وقتل زملائنا.
اليوم، يعيش الصحافيون في لبنان أيامًا صعبة وهم يحاولون نقل الصورة والصوت ورفعهما، مع توسّع رقعة الحرب واشتدادها، فيما هم يخافون من مصير القتل بلا عقاب ولا حساب.
رغم كلّ ذلك، لا زلنا على الوعد. وعدُنا لزملائنا الشهداء عصام وفرح وربيع، والجرحى كريستينا وإيلي وكارمن وديلان وثائر وماهر، بأنّنا سنواصل العمل حتى تحقيق العدالة. وبأنّنا لن ننسى أنّ إسرائيل قتلتهم، وبأنّنا لن ندع هذا العالم الصامت عن الجرائم في حقّهم ينسى ذلك أيضًا.