أصدرت لجنة الإدارة والعدل النيابية بالأمس ردًّا على تصريح منسقة تجمّع نقابة الصحافة البديلة إلسي مفرّج عن مجريات اجتماعاتها المتتالية لدراسة قانون الإعلام تضمّن الكثير من المغالطات التي يجب وضعها في سياقها.
وبما أنّ البيان أغفل صفة مفرّج التي عرفت بها خلال الحلقة بها، يؤكد تجمّع نقابة الصحافة البديلة بداية أنّ تصريح مفرّج التي تتولى فيه منصب المنسّقة يمثل التجمّع الذي يضم أكثر من 300 صحافي وصحافية وعامل وعاملة في مجال الإعلام، تجمّعوا ليؤمّنوا أوسع نطاق حماية لبعضهم البعض، وليس رأيًا شخصيًا.
كما أننا نستغرب اللغة التي خرج فيها البيان ومحاولة وضع التصريحات في خانة “الدوافع” المشبوهة واعتبارها غير مبررة، علمًا أنّ اقتراح قانون الإعلام يناقشه المجلس النيابي منذ أكثر من ١٣ عامًا، وقد عمدت اللجان المتتالية إلى تشويه صيغته الأسسية التي قدمها النائب غسان مخيبر وتحويله إلى مضبطة حريات رسمية، وهذا تحديدًا ما يجعل هواجسنا مبررة وشرعية.
وعلى ضوء ذلك يهمّ التجمّع أن يؤكد على الآتي:
- في علنية الجلسات: يتطلّع التجمّع إلى أن تأخذ لجنة الإدارة والعدل قرارًا بعلنية جلساتها المتعلقة بدراسة قانون الإعلام، عملًا بالصلاحية المتاحة لها في المادة ٣٤ من النظام الداخلي لمجلس النوّاب. فمناقشة قانون الإعلام لا تحتاج إلى تطبيق بند السرية، إذ لا يتضمن أسرارًا تتعلق بالأمن القومي، ولا يستعصى بالتالي الوصول إليها.
- في تكريس مبدأ الشفافية: يتطلّع التجمّع إلى أن تكرّس اللجنة مبدأ الشفافية وحق الناس في الوصول إلى المعلومات، عبر تعديل المادة 73 من اقتراح القانون قيد الدرس بما يحد من موانع النشر في قضايا الشأن العام ومن ضمنها مداولات اللجان النيابية، وحصرها بالقضايا المتعلقة بالدفاع والأمن القومي المذكورة في المادة 5 من قانون حق الوصول إلى المعلومات.
- في إعتماد مبدأ التشاركية بالنقاش: ننتظر من اللجنة أن توسّع المسار التشاركي الذي أشارت إلى أنها تسلكه في دراسة قانون الإعلام، ليشمل أصحاب الخبرة والمعرفة والعلاقة المباشرين بقضايا الإعلام، وبشكل أساسي ممثلين عن الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية وتحالف حرية التعبير الذي يضم مجموعة من المنظمات الحقوقية المعنية بحرّية التعبير والصحافة والذي ذكرته التعديلات المقترحة من قبل منظمة اليونيسكو كأحد الأطراف المعنيين بتسمية مرشحين إلى الهيئة الناظمة للإعلام (المادة 49 من اقتراح اليونسكو).
- في تعزيز ضمانات المحكمة العادلة: يرحّب التجمّع باتجاه اللجنة إلى إلغاء المحاكم الاستثنائية في قضايا الصحافة والإعلام، ويتطلّع إلى أن يترجم ذلك ي استبدال ذكر “محكمة الاستئناف الناظرة في قضايا الإعلام” بـ “المحكمة الابتدائية المدنية الناظرة بقضايا الإعلام”، من كافة المواد المتعلقة بالتقاضي (المواد 51، 61، 81) في اقتراح القانون المذكور الذي تدرسه اللجنة، وذلك لاعتماد أصول التقاضي العادية، وتعزيز ضمانات المحكمة العادلة إذ أنّ محكمة المطبوعات هي محكمة جزائية توضع إشارات أحكامها على السجلات العدلية للصحافيين، ورفع مستوى النقاش العام حول مفهوم حرية الرأي والتعبير.
- في إلغاء العقوبات السجنية: يتطلّع التجمّع إلى أن تترجم اللجنة ما أعلنته في بيانها من حرص “للإفساح في المجال أمام أعلى قدر من حرية التعبير عن الرأي” ومن “تطابق مع ملاحظات اليونيسكو” في ما يتعلق بالمواد العقابية الملحوظة من المادة 61 إلى 69، عبر إلغاء مواد العقوبات السجنية بحق الصحافيين الملحوظة من المادة 70 حتى المادة 72 عملًا أيضًا بهذه الملاحظات.
- في اعتماد آلية عصرية ومستقلة لإدارة القطاع: يتطلّع التجمّع إلى أن تُقرن اللجنة القول بالفعل بإنشاء “هيئة ناظمة عصرية ومستقلة” عبر إعادة النظر بتصويتها على المادة 32 التي اختتمت به مناقشاتها في جلستها الأخيرة، والتي خلصت للأسف إلى تثبيت مبدأ المحاصصة الطائفية في توزيع أعضاء اللجنة، بدل اعتماد مبدأ الكفاءة كمعيار لاختيار الأعضاء ومبدأ التمثيل الصحيح لمختلف الفئات والاختصاصات الإعلامية وآلية شفافة وتشاركية وديمقراطية في تسمية الأعضاء. علمًا أنّ توجّه التجمّع هو اعتماد آلية التنظيم الذاتي لوسائل الاعلام، بدلًا من آليات الهيئات الناظمة التي أثبتت فشلها في قطاعات آخرى، والتي وضعتها اللجنة ضمن إطار “الرقابة” على الإعلام.
يهمّ التجمّع أن يؤكد بأنّ ملاحظاته هي نتاج عمل حقوقي لأشهر بالتشاور مع أصحاب المصلحة المباشرين أي العاملين من صحافيين ومؤسسات إعلامية ومع شركائه في تحالف الحريات أي منظمات حقوقية محلية ودولية، وهي تتقاطع بعة نقاط مع ملاحظات منظمة اليونيسكو. ويؤكد بأنّه يمدّ يد التعاون إلى لجنة الإدارة والعدل، لكي يصدر قانون إعلام عصري يكرّس الحريات الاعلامية ويحمي الصحافيين ويكرّس حقهم في التجمّع النقابي.
ختامًا يذكًر التجمّع لجنة الإدارة والعدل بأنّ استخدام أدوات الضغط لتحقيق مطالب الفئات الاجتماعية، هو من الأساليب المعتمدة في أرقى الديمقراطيات، وبالتالي نتمنى من اللجنة أن يكون صدرها رحبًا وأن تتعلم العمل تحت الضغط. وعليه لن نتوانى عن استخدام كافة أساليب الضغط والمناصرة المتاحة، لتأمين أوسع نطاق حماية لزملائنا وزميلاتنا الذين يحملون دمهم على كفهم اليوم في تغطيتهم للحرب على الحدود الجنوبية.
مع كامل الاحترام لأعضاء اللجنة.