نشرت منظمة “العفو الدولية” (أمنستي) و”هيومن رايتس ووتش” تقريرهما، اليوم الخميس، في جريمة استهداف الاحتلال الإسرائيلي للصحافيين من “الجزيرة” و”رويترز” و”فرانس برس” يوم 13 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والتي أدت لاستشهاد مصور “رويترز” الزميل عصام عبدالله وإصابة الزملاء كارمن جوخدار وإيلي برخيا (الجزيرة)، وديلان كولنز وكريستينا عاصي (فرانس برس)، وماهر نزيه وثائر السوداني (رويترز). كما نشرت كل من “رويترز” و”فرانس برس” تحقيقيهما في الجريمة اليوم أيضا.
وكشف التقريران لأمنستي وهيومن رايتس ووتش أن الاستهداف كان مباشراً، ما يعني أن جريمة قتل الزميل عصام عبدالله تصنف جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يعطي الصحافيين الحماية نفسها المعطاة للمدنيين. هذه الخلاصة تتقاطع مع ما كان تجمع نقابة الصحافة البديلة قد اعلنه منذ البداية، ان الاحتلال الاسرائيلي تل عصام عبدالله باستهداف مباشر للفرق الصحافية ما يشكل جريمة حرب موصوفة.
اعتبرت منظمة العفو الدولية في تقريرها أن الهجوم الاسرائيلي “هو على الأرجح هجوماً مباشراً على المدنيين، ويجب التحقيق به باعتباره جريمة حرب”. ودعت الى اجراء تحقيق مستقل ومحايد في الهجوم والى محاسبة المسؤولين وعدم السماح لإسرائيل بقتل ومهاجمة الصحفيين دون عقاب”.
كذلك قالت “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها: “يبدو أنه هجوم متعمد على المدنيين وبالتالي جريمة حرب”. ودعت “هيومن رايتس ووتش” الدول الداعمة لاسرائيل الى وقف مدها بالمساعدات العسكرية، لاسيما الولايات المتحدة التي تعتمد سياسات تحظر نقل الأسلحة إلى الدول “التي من المرجح أن تستخدمها” في انتهاك القانون الدولي. ودعت الولايات المتحدة الى التحقيق في هذه الجريمة التي استهدفت أحد مواطنيها (ديلان كولينز).
اعتمد التقريران على مقابلات مع الشهود، وعلى تحليل عشرات أدلة الفيديو والصور، بالاضافة الى تحليل الموقع والصور الجوية (ساتلايت)، واستشارة خبراء عسكريين وخبراء في تحليل فيديو وصوت. خلص التقريران الى ان مجموعة الصحافيين كانت بعيدة تماما عن الأعمال العدائية الجارية، إذ لم يتبين وجود أي دليل على وجود هدف عسكري بالقرب من موقعهم. وقد تبين أن أقرب الاعمال الحربية تبعد ما لا يقل عن 1.5 كلم عن موقعهم.
واكد التقريران انه كان من الواضح أنهم صحافيين يرتدون خوذ ودروع مع اشارة “صحافة” عليها. وانهم كانوا متواجدين في الموقع لاكثر من ساعة قبل الضربة. وبسب هيومان رايتس واتش، كانت المجموعة مرئية من خمسة أبراج مراقبة إسرائيلية مجهزة باليات مراقبة وتحديد اهداف، بالاضافة الى طائرة استطلاع بدون طيار، تبين بتحليل الصوت انها حلقت فوقهم اكثر من 11 مرة خلال اقل من 25 دقيقة. واشارت امنستي الى ان هذه الادلة كانت كفيلة بتأكيد أنهم مجموعة صحافيين مدنيين وبالتالي ليسوا اهدافاً عسكرية.
وعن نوعية الذخيرة المستخدمة في الهجوم، اعلنت رويترز بناء على تقارير مخبارية ان الذخيرة المستخدمة في الضربة الأولى التي قتلت عبدالله واصابت عاصي بجروح بليغة، هي قذيفة دبابة من عيار 120 ملم. وكذلك في الضربة الثانية التي استهدفت سيارة طاقم الجزيرة واصابت الصحافيين بجروح بعضها بليغ. واشار تقرير فرنس برس الى ان الذخيرة يستخدمها الجيش الإسرائيلي حصرا في المنطقة.
تقرير هيومان رايتس واتش اشار الى ان الضربة الاولى اتت من موقع عسكري إسرائيلي يبعد نحو 1.5 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من الموقع. وقد تمكنت من تحليل الصورة، من رصد وجود اثار لضوء قريب من الأشعة تحت الحمراء near-infrared light على وجوه الصحافيين، ما يمكن أن يشكل دليلاً على استخدام أشعة الليزر المعنمدة من مواقع المراقبة الإسرائيلية لتحديد الاهداف.
اشار تقريرا امنستي وهيومان رايتس واتش كذلك الى ان جريمة قتل الزميلين في قناة الميادين فرح عمر وربيع المعمري مع مرافقهما المدني حسين عقيل، اثناء قيامهما بعملهما الصحافي في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، بغارة إسرائيلية على بلدة طير حرفا بجنوب لبنان، على بعد 2.3 كيلومتر من المكان الذي قُتل فيه عصام عبد الله.
بناء على كل ما تقدم، سنعمد كتجمع نقابة الصحافة البديلة إلى تضمين نتائج هذين التحقيقين بالإضافة إلى تحقيقي “رويترز” و”فرانس برس” في المراسلات التي سنرفعها قريبا الى المديرة العامة لليونيسكو والمفوض السامي لحقوق الانسان في الأمم المتحدة للمطالبة بتحقيق أممي في هذه الجرام تمهيدا لوضع حد لتفلت الاحتلال الاسرائيلي من العقاب. ختاماً، نذكر بأننا لن نتوقف عن متابعة قضايا زملائنا عصام عبدالله وفرح عمر وربيع معماري قبل تحقيق العدالة، مهما طال الطريق نحوها.