يشهد لبنان في الآونة الأخيرة تصعيدًا عدوانيًا إسرائيليًا غير مسبوق يستهدف بشكل خاص المدنيين ومنازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم. وإذ يُدين تجمّع نقابة الصحافة البديلة الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في لبنان والتي ترقى إلى جرائم الحرب لا سيّما استهداف المدنيين ووسائل الإعلام وطواقم الإغاثة والقطاع الصحّي، يهمّه التطرّق إلى أحداث وأعتداءات حصلت خلال العدوان وبالتزامن معه:
أوّلًا: الاستهدافات الإسرائيلية لوسائل الإعلام
دمّرت الغارات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة مبنى قناة “الصراط”، ومبنى موقع العهد الإخباري، كما استهدفت هوائي قناة “المنار”. وقد استهدفت مسيّرة إسرائيلية اليوم الجمعة 4 تشرين الأوّل، فرق الإنقاذ في منطقة المريجة في ضاحية بيروت الجنوبية أثناء عملها على رفع الأنقاض، وعلى مقربة من عدد من الزملاء المصوّرين الذين نجوا. تعدّ هذه الاستهدافات انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني الذي يصنّف الإعلاميين مدنيين والوسائل الإعلامية كأعيان مدنية، ويعطيها بالتالي الحماية في فترة الحروب بخاصّة في إطار عملها على توثيق جرائم الحرب وإطلاع الرأي العام المحلّي والعالمي عليها.
ثانيًا: الاعتداءات على الفرق الإعلامية العاملة على الأرض
تعرّض صحافيان بلجيكيان للاعتداء من قبل عناصر مسلّحة في منطقة الباشورة إثر استهداف الاحتلال لمركز إسعاف واستشهاد عدد من المسعفين. كذلك تعرّض للاعتداء كلّ من فريق عمل تلفزيون “إم تي في” في منطقة المعيصرة في جرود كسروان ومراسل المؤسسة اللبنانية للإرسال “إل بي سي”. وإذ نتفهّم الشحن العاطفي الناتج عن العدوان الإسرائيلي، إلّا أنّنا نؤكّد أنّ ذلك لا يبرّر بأي شكل من الأشكال هذه الاعتداءات ولا تقاعس الأجهزة الأمنية عن محاسبة المسؤولين. ويهمّنا أن نذكّر بأنّ مهمّة الفرق الإعلامية المحلّية والأجنبية هي نقل صوت الناس ومأساتهم نتيجة العدوان الإسرائيلي الذي تسبّب بحالة تهجير قسري جماعي في أنحاء البلاد. ونلفت نظر الزميلات والزملاء ووسائل الإعلام إلى ضرورة التحلّي بأقصى درجات الانضباط والوعي والالتزام بالأخلاقيات والقواعد المهنية واحترام مشاعر السكان والمهجّرين، ومراعاة شروط التعامل معهم.
ثالثًا: تصاعد لغة التخوين
وسط الحرب الإعلامية والنفسية التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي في ظلّ غضّ طرف من قبل المجتمع الدولي، تتصاعد لغة التحريض والتخوين المتبادل على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. تتناقض هذه اللغة مع البديهيات الإنسانية والمهنية ومبادئ القانون الدولي الإنساني، وتتماهى أحيانًا مع سرديّة الاحتلال في تبرير جرائمه في حق المدنيين والمسعفين، وترقى أحيانًا إلى المشاركة في تبرير جرائم الحرب. كذلك يساهم هذا التخاطب في تأجيج التوتّرات في بعض المناطق، ما يخدم بالتالي أهداف الاحتلال في تفجير الوضع الداخلي بالتزامن مع حرب الإبادة التي يخوضها. وسط هذا التراشق، يطالب التجمّع الزملاء والزميلات ووسائل الاعلام، بأن يتحمّلوا المسؤولية الوطنية والأخلاقية وألّا يشاركوا في تسعير الخطاب ما قد يستجرّ ردات فعل لا يُمكن تداركها، قد تطال الفرق الميدانية.