لم يكد سريان وقف إطلاق النار يبدأ في لبنان، حتى أعلنت نقابة محرّري الصحافة اللبنانية عن التجديد لمجلسها بالتزكية لعدم وجود مرشحين للانتخابات سوى أعضاء المجلس الحالي، خلال المهلة المعلن عنها لهذه الغاية.
يستهجن تجمّع نقابة الصحافة البديلة هذه الخطوة التي أقلّ ما يقال فيها إنّها “تهريبة”، إذ أنّ الانتخابات والدعوة إليها، جاءتا في وضع استثنائي تمرّ به البلاد يجعل من المستحيل على أعضاء النقابة تسديد اشتراكاتهم للمشاركة في الانتخابات أو التقدّم للترشّح ودفع الرسوم أو إجراء حملات انتخابية.
فالصحافيون منشغلون بتغطية العدوان، ويرزحون ككل اللبنانيين تحت وطأته ويتأثرون به بشكل مباشر، فبعضهم تهجّر ودمّر بيته، وبعضهم عالق في قراه التي تتعرّض للقصف، وبعضهم أصيب، من دون أن ننسى من استشهد.
وبالتالي فالصحافيون سواء علموا بالانتخابات أو لم يعلموا نتيجة انشغالهم الطبيعي بالحرب، هم غير قادرين على المشاركة فيها لا سيّما أنّ واجبهم المهني يقتضي أن يكونوا في الميدان وليس في قاعات الانتخابات كنقابتهم.
وهذه الظروف كانت أساس التوصية التي أصدرها مجلس الوزراء في تاريخ 6/11/2024، بناء على رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، بالتريّث وتأجيل الجمعيات العمومية “حفاظًا على سلامة التمثيل، وبالتالي صحة التصويت، إلى حين زوال الظرف الاستثنائي”.
وبالتالي فالتمديد لمجلس النقابة يُعتبر مخالفة لتوصية مجلس الوزراء، وللأسس الأخلاقية التي تحتّم على النقابة أخذ الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها الصحافيون في الاعتبار حتى من دون توصية حكومية بذلك.
علماً أن نقابتي المحامين والصيادلة أجّلتا انتخاباتهما بعد تقييم الأوضاع الميدانية في البلاد من قصف وتدمير وقتل وتهجير وخطورة التنقّل وصعوبة التواصل، والتي تشكّل جميعها ظروفاً لا تضمن مشاركة الجميع في الانتخابات.
وعليه، يعتبر تجمع نقابة الصحافة البديلة أن نهج المجلس الحالي ليس إلا استمراراً في سرقة تمثيل الصحافيين والصحافيات بشكل منفصل عن واقعهم وما يعيشونه وما هم بحاجة إليه، وهو نهج عفى عنه الزمن وينتمي إلى زمن المحاصصة والفئوية، من دون أي إحساس بالمسؤولية في وقت حساس ودقيق نعيشه جميعاً.